الجمعة، 30 مايو 2014

ما هو الذنب الذي اقترفه نبيّ الله سليمان عليه الصلاة والسلام فاستدعى إنابته وتوبته؟


 ما هو الذنب الذي اقترفه نبيّ الله سليمان عليه الصلاة
 والسلام فاستدعى إنابته وتوبته؟
 بسم الله الرحمن الرحيم
 والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين جدّي محمد رحمة من الله للعالمين وآله التوابين المتطهرين، وسلامٌ على المرسلين والتّابعين للحقّ 
إلى يوم الدين والحمد لله ربّ العالمين، سلام الله عليكم معشر الأنصار السابقين الأخيار
 وكافة الزوار ضيوف طاولة الحوار الباحثين عن الحقّ. 
قال الله تعالى: 
{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سليمان نِعْمَ الْعَبْدُ إنّه أَوَّابٌ ﴿٣٠﴾ إِذْ عُرِ‌ضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴿٣١﴾ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ‌ عَن ذِكْرِ‌ ربّي حَتَّىٰ تَوَارَ‌تْ بِالْحِجَابِ ﴿٣٢﴾ رُ‌دُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴿٣٣﴾}
 صدق الله العظيم [ص] 
وأما ذنب سليمان عليه الصلاة والسلام الذي كان السبب في أن نُزع ملكه منه
 مؤقتاً هو ليس بسبب أنه نسي صلاته لذكر ربّه حتى توارت بالحجاب؛
 (( بل السبب هو محاسبة أنْفُسٍ بسبب ذنبه فلا ذنب للصافنات الجياد التي حاسبها بذنبه ومسح بالسيف أعناقها وسيقانها)) 
حتى تاب إلى ربّه وأناب وغفر له ذنبه من محاسبة الصافنات الجياد التي مسح بالسيف أعناقها وسيقانها من شدة غضبه من نفسه بحجّة أنها مَنْ ألهته عن صلاته لذكر ربّه حتى توارت الشمس بالحجاب، ثمّ حاسب الخيول بذنبه ولا ذنب لها، ثمّ نزع الله منه ملكه، ثمّ تاب وأناب إلى ربّه، ثمّ غفر الله ذنبه وأعاد إليه ملكه وزاده من فضله 
وهو العزيز الوهاب. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {وَلَقَدْ فَتَنَّا سليمان وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْ‌سِيِّهِ جَسَدًا ثمّ أَنَابَ ﴿٣٤﴾ قَالَ رَ‌بِّ اغْفِرْ‌ لِي 
وَهَبْ لِي ملْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴿٣٥﴾} 
صدق الله العظيم [ص]
---
ما قصة الجسد الذى ألقى على كرسي سليمان
 عليه الصلاة والسلام؟ 
 أُختي السائلة والسائلين من المؤمنين، سلام الله عليكم ورحمته أجمعين،
 فأما الجسد فهو: يُطلق على جسد البشر الذي لا يأكل الطعام. 
تصديقاً لقول الله تعالى:
 {اقْتَرَ‌بَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ في غفلةٍ معْرِ‌ضُونَ ﴿١﴾ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ‌ مِّن ربّهم محْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿٢﴾ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّ‌وا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ‌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ‌ وَأَنتُمْ تُبْصِرُ‌ونَ ﴿٣﴾ قَالَ ربّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأرض وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٤﴾ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَ‌اهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ‌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْ‌سِلَ الْأَوَّلُونَ ﴿٥﴾ مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْ‌يَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ وَمَا أَرْ‌سَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِ‌جَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ‌ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٧﴾ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴿٨﴾ ثمّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِ‌فِينَ ﴿٩﴾ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُ‌كُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٠﴾} 
صدق الله العظيم [الأنبياء]
 أي: لم يجعلهم ملائكة لأن الملائكة لا تأكل الطعام.
 تصديقاً لقول الله تعالى:
 {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُ‌سُلُنَا إِبْرَ‌اهِيمَ بِالْبُشْرَ‌ىٰ قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ 
حَنِيذٍ ﴿٦٩﴾ فَلَمَّا رَ‌أَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَ‌هُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ}
 صدق الله العظيم [هود:69-70]
 فأخبروه أنهم رسل الله من الملائكة، وأفتوه أن الملائكة لا يأكلون الطعام حتى ولو جعل الله الملاك جسداً بشراً سوياً فإنه كذلك لا يأكل الطعام، 
وطعامهم ذكر الله الليل والنهار وهم لا يسأمون. ونعود لقول الله تعالى:
 {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} 
صدق الله العظيم.
ويقصد الأنبياء أنه لم يجعلهم ملائكة وذلك لأنهم قالوا:
 {أَبَعَثَ اللَّـهُ بَشَرً‌ا رَّ‌سُولًا ﴿٩٤﴾}[الإسراء] 
وقال الله تعالى:
 {وَمَا مَنَعَ النّاس أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً (94)}
 صدق الله العظيم [الإسراء:94] 
فهم يحاجون رسول ربّهم كيف يبعث الله بشراً رسولاً ويريدون ملكاً رسول الله 
إليهم ورد الله عليهم: 
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَ‌جُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ﴿٩﴾ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُ‌سُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُ‌وا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴿١٠﴾} 
صدق الله العظيم [الأنعام] 
بمعنى: أنه حتى ولو بعث الله إلى النّاس ملكاً لجعله رجلاً مثلهم وألبس عليه ما يلبسون لأنه لا ينبغي أن يبعثه إليهم بصورته الملائكية لضخامة خليقته ولله حكمته. ونستنبط: الجسد الذي تمّ إلقاؤه على كرسي سليمان فهو لا يأكل الطعام وكانت صورته كمثل صورة نبيّ الله سليمان وتم إلقاؤه بقدرة الله على كرسي سليمان، ولا علاقة له بالخاتم والكلام المزعوم والخرابيط وأساطير الأولين المكذوبة والخرافيّة التي لا يقبلها العقل والمنطق. مثال قولهم بقصة خاتم سليمان وقصة السمك الذي وجد في بطنه الخاتم فهذا كلام ما أنزل الله به من سلطان؛ بل ألقى الله جسداً صورته مثل سليمان تماماً فظنّ جند سليمان أنه سليمان وكان يخيل الله إليهم أن ينكروا صورة سليمان الحقّ، ومُنع من الدخول إلى مقامه المعلوم والدائم وأصبح بلا جيش ولا مُلك والجميع ينكرونه ويظنون الجسد الجالس على عرش سليمان هو سليمان ولكنه هاجرَ إلى ربّه واستغفر لذنبه فوهب الله له مُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من أقربائه فيورثه من بعده
---
وسلامٌ على المرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين.. 
الإمام المهدي ناصر محمد اليماني. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق